صفحتي العربية My Page
طلب عرض للتدريب طلب عرض للاستشارات
Request a Training Quotation Request a Consulting Quotation
تقييم الجودة في المنظمات غير الربحية
تحقيق الجودة و التميز المؤسسي
من خلال التفكير منظومي
محمد بن عبدالله البوزيد
مقدمة
تعتبر الجودة من الأمور التي فقدت روحها على مدى السنوات بسبب طرق قياسها و التركيز على معايير و مؤشرات قياس لا تعكس المعنى الحقيقي للجودة و إنما تركز على جانب وحيد منه و هو الجزء الكمي فنجد أن جميع مؤشرات الأداء في المنظمات الربحية هي مؤشرات أداء كمية Quantitative و ليست مؤشرات نوعية Qualitative. و عزز هذا التوجه الفكر الإداري التقليدي و الذي يتبنى مبدأ التحكم و السيطرة من حيث اعتماده على هذه الأرقام (الجزئية) للجودة و إهمال تام للمؤشرات النوعية Qualitative.
هذه المشكلة تعاني منها المنظمات الربحية أيضاً مما تسبب في خسائر فادحة لها في ميزانياتها و تراكم في أعمالها و فقد لقدراتها على الإنتاج.
نحن هنا بصدد تغيير جذري لكيف نفهم الجودة من منظور منظومي شامل بحيث نفهم أولاً المنظمة الغير بحية بشكل شامل و من ثم نبدأ تدريجياً في الدخول في داخلها و هذا ما يسمى في علم التفكير الرشيق (Lean Thinking) بالنظر للمنظمة من الخارج إلى الداخل و لي كما هو حاصل حالياً حيث ينظر القياديون و المدراء و منسوبوا هذه المنظمات لمنظماتهم سواء الربحية أو غير الربحية من الداخل إلى الخارج.
التفكير من الخارج إلى الداخل يركز بشكل رئيسي على المؤشرات النوعية Qualitative لما تعمله المنظمة.
ماذا يعني أن ننظر للمنظمة من الخارج إلى الداخل؟
عندما ننظر للمنظمة من الخارج إلى الداخل سواء كانت ربحية أو غير ربحية فإننا نستحضر إجابات لأسئلة مثل:
١. ما الهدف من وجودة المنظمة؟
٢. ما هي رؤيتها؟
٣. من هم عملائها؟
٤. كيف ستقدم المنظمة خدماتها لعملائها المستهدفين؟
٥. كيف نعرف أننا حققنا الهدف من وجود المنظمة و تقديم الخدمات التي وعدت المنظمة بتقديمها لعملائها؟
و غيرها من الأسئلة التي تغيب في الغالب عن ذهن الكثير من القياديين و المدراء و منسوبي المنظمات الربحية و غير الربحية!
إذا كان هذا هو الحال في التفكير من الخارج إلى الداخل, فماذا يعني التفكير من الداخل إلى الخارج إذا؟
التفكير من الداخل إلى الخارج يعني انشغال قادة و منسوبي المنظمة بتفاصيل العمليات و الإجراءات الداخلية و العمل على تحقيق أرقام محددة و استخدام مؤشرات كمية Quantitative دون الاهتمام إن حققت هذه الأرقام و الجهود نتائج نوعية Qualitative بحيث تحدث تغييراً إيجابياً في حياة المستفيدين.
مثلاً, التفكير من الداخل للخارج و الذي يركز على الجودة من خلال مؤشرات كمية يهتم بعدد من تم مساعدتها مثلاً من خلال برنامج توفير الأطعمة أو المستلزمات الدراسية أو غيرها من الخدمات.
بينما الفكير من الخارج إلى الداخل يركز على تحقيق الجهود المبذولة تغيير دائم في حياة المستفيدين مثل تمكينهم من اكتساب القدرات الذاتية لتوفير المأكل و المشرب و الاحتياجات الحياتية “ذاتياً” بحيث يستغني هذا المستفيد عن أي مساعدات “خارجية” كي يحيا حياة كريمة بينما التفكير من الداخل إلى الخارج يعمل العكس تماماً بحيث يعزز من اعتماد المستفيدين من خدمات المنظمات الغير ربحية على مساعدات آخرين كي يحيوا حياة كريمة. و هنا يمكن جوهر المشكلة و الفرق في طريقتي التفكير المختلفتين.
إن أصعب ما يواجه هذا التصحيح لمسار المنظمات الغير ربحية هو النماذج العقلية و القناعات لدى قادة المنظمات الغير ربحية و مدرائها. فقد اعتادوا على طرق تفكير تعلموها في دراستهم الأكاديمية و عاشوها في بيئات عمل تتبنى طرق القيادة بنظام التحكم و السيطرة و الذي و بالرغم أنه نظام رائع, إلا أنه مناسب فقط للمنظمات “العسكرية” و لا يصلح للمنظمات المدنية بل و يحقق نتائج عكسية تنافس روح الجودة أو التميز المؤسسي.
هذا الكتاب هو رحلة فكرية داخل عقلك. فإن وجدت أن لديك الاستعداد للغوص داخل عقلك و مراجعة قناعاتك و نماذجك العقلية مع استعداد للتخلص من ما يعيق تقدم منظمتك الغير ربحية من تحقيق السبب في وجودها و الذي قد يكون مثلاً حل لمشكلة الفقر أو البطالة أو أمر آخر و بشكل نهائي بوضع حلول “دائمة” فهذا الكتاب سينفعك و سيكون خطوتك الأولى في هذه الرحلة.
أما إن كان من الصعب عليك تفهم بأن “هناك طرق أفضل للقيام بالعمل” و أنك “تعرف” كل شئ, فقد لا يكون هذا الكتاب مناسباً لك و قد يكون سبباً في ارتفاع ضغط الدم عندك ليس بسبب شذوذ ما يتناوله الكتاب و إنما بسبب تمسكك بقناعات سلبية تجذرت فيك و استسلمت لها و تتسبب في تدمير مستقبل فئات غالية علينا جميعا و تدفعهم في اتجاهات تضر بهم و بالمجتمع و بالبلد بأكمله.
القرار بيدك الآن, إما أن تصبح جزءً من حل دائم لمشكلة المستفيدين من منظمتك الغير ربحية أو أن تكون مجرد مسكن مؤقت لآلامهم دون عمل أي شئ تجاه مشكلتهم الحقيقية و تصبح مجرد انبوب لنقل صدقات المانحين إلى المحتاجين دون أن يكون لك أي دور حقيقي لإنهاء معاناتهم.
”إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه“.
تذكر أن هذه أمانة أمام الله سبحانه و عليك أدائها على الوجه الأكمل وأن المنظمات الغير ربحية لم تُنشأ لقضاء وقت فراغك و من تحب أو لإكتساب وجاهة و مكانة اجتماعية أنت الوحيد المستفيد منها.
فهل أنت جاهز لرحلة إلى داخلك؟